ارتفع معدل النشاط الإجرامي لداعش في مخيمات النازحين
ارتفع معدل النشاط الإجرامي لداعش في مخيمات النازحين

أثار ارتفع معدل النشاط الإجرامي وعمليات إراقة الدماء في مخيمات اللاجئين في شمال شرق سوريا، انتباه المسؤولين الأميركيين، الذين يخشون أن تخسر قوات الأمن معركة احتواء أنصار تنظيم داعش، وفقا لموقع صوت أميركا.

وحذر مسؤولون أميركيون من أن داعش يحول الآن بسرعة المخيمات المكتظة بالنازحين، وفي مقدمتها مخيم الهول، إلى قاعدة لعملياته الإرهابية، وأشاروا إلى أن العنف الوحشي، الذي طالما اتبعه التنظيم، هو مجرد جزء من المشكلة.

وقال مسؤول أميركي: "لقد كافحت الأجهزة الأمنية في الهول لمعالجة تجنيد داعش وجمع الأموال"، وأضاف أن "داعش نقل عدد من عائلات عناصر التنظيم من الهول باستخدام شبكات التهريب في محافظتي الحسكة ودير الزور، كما قام بتهريب أسلحة إلى المخيمات في الأشهر الأخيرة".

ويحذر مسؤولون آخرون من أن مخيم الهول، الذي يضم أكثر من 60 ألفًا معظمهم من النساء والأطفال، قد عزز بالفعل دوره كفاعل رئيسي في الشبكة المالية للجماعة الإرهابية، مما يساعد في نقل احتياطياته النقدية التي تقدر بنحو 100 مليون دولار.

وذكرت وزارة الخزانة الأميركية في مذكرة حديثة أنه "غالبًا ما يقوم وسطاء في تركيا بتهريب الأموال إلى سوريا من خلال أنظمة تحويل الأموال الموجودة في المخيمات".

وتشير المعلومات الاستخبارية الواردة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى أن مجرد تسلل الأشخاص من مخيمات النازحين يمكن أن يكون عملاً تجارياً كبيراً، حيث يتقاضى المهربون 2500 دولار إلى 3000 دولار للفرد، وقد تصل إلى 14 ألف دولار.

وقالت ياسمين الجمل، مستشارة الشرق الأوسط السابقة لوزارة الدفاع الأميركية، في منتدى افتراضي يوم الثلاثاء: "تحدث أشياء سيئة في الهول"، وتابعت "معدل هروب النساء من مخيم الهول والأموال التي تدخل وتخرج من خلال أنظمة مختلفة، تُظهر حقًا أن هناك إرادة حقيقية من جانب داعش وأنصاره لاستخدام الهول مركزًا جديدًا وقاعدة عمليات جديدة". 

وفقًا للمعلومات التي جمعها مركز معلومات روج آفا الموالي للأكراد، تسلل ما يقدر بنحو 200 شخص من الهول في عام 2020، وقد تكون الأقارم أكبر بكثير بسبب عدم تسجيل بعض الحالات.

وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للموقع: "كلما طالت مدة بقاء عشرات الآلاف من النازحين دون إمكانية العودة إلى ديارهم، ازدادت صعوبة ضمان سلامتهم من العناصر الإجرامية والإرهابية التي تسعى إلى استغلال سكان المخيم". وأضاف "من المهم للغاية أن تحدد الدول مواطنيها في المخيم وتعيدهم على عجل".

في حين استعادت مجموعة من الدول أفراد عائلات داعش خلال الأشهر العديدة الماضية، حذر تقرير حديث للمفتش العام بوزارة الدفاع الأميركية من أن "العديد من الدول لا تزال مترددة في العودة إلى الوطن على الإطلاق".

ويحذر بعض المحللين من أنه ربما وصل الأمر إلى النقطة التي لا يستطيع عندها المجتمع الدولي أن يغمض العين عن انتصارات داعش في المخيمات.

وقال توماس جوسلين، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: " نرى نفس الديناميكية التي ظهرت في مخيمات اللاجئين في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين وخروج الإرهابيين من هذه المخيمات، حيث يمكنك رؤية الجيل القادم من داعش في هذه المعسكرات الآن".

جرمانا سوريا

"ليس لك عندنا إلا السيف البتار،" يخاطب مسلح سوري ملثم، وفي يده سيف طويل، صاحب تسجيل صوتي منسوب لرجل درزي.

المسلح الذي بدا "داعشيا" بامتياز في مظهره وخطابه، وصف صاحب التسجيل الذي يتعرض فيه للنبي محمد، بأنه "عدو الله".

لم يعرف إلى أي مجموعة مسلحة ينتمي الملثم  الذي ظهر محاطا بمجموعة مسلحين ملثمين. لكن وكالة رويترز نقلت عن مصادر سورية أن مجموعات مسلحة سنية غاضبة هاجمت بلدة جرمانا ذات الغالبية الدرزية قرب العاصمة السورية دمشق، والنتيجة مقتل أكثر من 12 شخصاً.

وقالت وزارة الداخلية السورية في بيان إنها تعمل على "تحديد هوية مصدر الصوت" في التسجيل ودعت إلى الهدوء، وحثت المواطنين على "الالتزام بالنظام العام وعدم الانجرار إلى أي تصرفات فردية أو جماعية من شأنها الإخلال بالأمن العام أو التعدي على الأرواح والممتلكات".

الحادثة المشحونة طائفياً أعادت إلى الأذهان المجازر التي ارتكبتها قوات سورية وجماعات موالية للرئيس السوري، أحمد الشرع، ضد مدنيين علويين في الساحل السوري في شهر مارس الماضي. وقتل فيها أكثر من 1600 شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبحسب رويترز، "مثلت تلك الاشتباكات أحدث حلقة من العنف الطائفي الذي يتسبب في سقوط قتلى بسوريا، حيث تزايدت المخاوف بين الأقليات منذ أن أطاح مقاتلو المعارضة المسلحة بقيادة إسلاميين بالرئيس السابق بشار الأسد".

ويهدد ملف الأقليات وحدة سوريا، ويطرح مخاوف من التقسيم على أساس طائفي، اذ لا تبدو الأقليات الدينية مرتاحة للنظام الجديد في الشام. 

وعادت الأصوات الداعية للتقسيم لتعلو في الشمال السوري في مناطق الأكراد، على الرغم من توصل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى اتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع قبل أسابيع، يقضي بانضمام الميليشيا الكردية المسلحة إلى القوات النظامية السورية وتسليم المعابر والمراكز الرسمية في مناطقها لحكومة الشرع.

لكن يبدو أن هذا الاتفاق انهار بعد اجتماع عقدته الأحزاب الكردية في مدينة القامشلي نهار السبت الماضي. واعتبر مراقبون سوريون أن دفع وزارة الدفاع السورية قوات قسد إلى "سد تشرين" ربما تكون خطوة تصعيدية بعد بيان الرئاسة السورية عن إخلال قوات سوريا الديمقراطية بالاتفاق الذي وقع في شهر مارس الماضي، وأن إرسال قوات إلى السد مؤشر على بدء معركة تم تأجليها للسيطرة على السد، وهو ما يشير إلى أن الاتفاق الموقع تم إيقافه بعد بيان اجتماع الأحزاب الكردية السبت، والذي تبنت خلاله هذه الأحزاب وثيقة تدعو إلى نظام لا مركزي وحكم برلماني وضمان حقوق جميع مكونات الشعب. 

هذا الأمر اعتبرته الرئاسة السورية اخلالاً بالاتفاق الموقع مع "قسد"، وأصدرت بياناً أعربت فيه عن رفضها القاطع لأي محاولات "لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة بمسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل".

وأضاف بيان الرئاسة السورية، إن تحركات وتصريحات قيادة قسد تتعارض تعارضا صريحا مع مضمون الاتفاق و"تهدد وحدة البلاد وسلامة ترابها".

من جهتها، كانت الطائفة الدرزية التي تتواجد بغالبيتها في الجنوب السوري على الحدود مع هضبة الجولان، قد دخلت في نقاش الانضمام/ الانفصال عن نظام الشرع المركزي في دمشق. وقد عبّرت أطراف درزية عن رفضها الاندماج، فيما حافظت أطراف أخرى على الحوار مع الشرع، وبرزت أصوات تنادي بالانضمام إلى إسرائيل بعد ان عرضت الأخيرة تأمين الحماية للأقلية الدرزية. 

وكان العضو في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان، الذي التقى مؤخّراً الرئيس السوري في دمشق، قد نقل عن الشرع أنه سيكون "منفتحاً تماماً" على التطبيع مع "إسرائيل"، وأن ما يهمه هو أن يحكم سوريا موحدة، في إشارة إلى مشاريع التقسيم أو "الفدرلة" التي تنادي بها بعض الأقليات الخائفة من الاندماج وتسليم أسلحتها للنظام الجديد.

وقد تعزز هذا الخوف أكثر بعد أحداث الساحل الدموية. ويبدو أن أحداث جرمانا تدفع بالأقليات إلى مزيد من القلق والانطواء والمطالبة بالانفصال والأمن الذاتي وعدم الاطمئنان إلى حماية الدولة لها.

ما بدا مثيراً للقلق في حادثة جرمانا هو سقوط اثنين من عناصر جهاز الأمن العام السوري في الاشتباكات، فيما أكدت وزارة الداخلية السورية في بيان وقوع "اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلحين، بعضهم من خارج المنطقة وبعضهم الآخر من داخلها. وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن وقوع قتلى وجرحى، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة". 

وتخوف ناشطون سوريون من أن تكون قوات الأمن متورطة بالحادثة، وأن تكون المجموعة المسلحة التي ظهرت في مقاطع الفيديو "تضرب بسيف أحمد الشرع".

وقالت مصادر أمنية لوكالة رويترز إن الاشتباكات بدأت ليلا عندما تجمع مسلحون من بلدة المليحة القريبة ومناطق أخرى ذات أغلبية سنية في بلدة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية الواقعة جنوب شرقي دمشق.

ونفت وزارة الداخلية أن يكون مسلحون قد هاجموا البلدة، وقالت على لسان المتحدث باسمها إن مجموعات من المدنيين الغاضبين من التسجيل الصوتي نظمت احتجاجا تعرض لإطلاق نار من قبل مجموعات درزية.

وسط كل هذا الصخب الطائفي، أطل رامي مخلوف، ابن خال الرئيس المخلوع بشار الأسد، في منشور على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، معلناً عن تشكيل فصيل مسلح في منطقة الساحل السوري، لكنه قال، إن القوات التي حشدها "ليست غايتها الانتقام من أحد، وإنما حماية أهلنا في الإقليم الساحلي"، على حد تعبيره.

وقال مخلوف إنه عمل مع "القائد النمر" (الضابط البعثي سهيل الحسن المتهم بارتكاب مجازر) على حشد مقاتلين من النخبة، لحماية المناطق العلوية.

هكذا تجد حكومة الشرع نفسها محاصرة مجدداً بثلاث أقليات متمردة، الأكراد في الشمال الشرقي، العلويون في الساحل، والدروز في الجنوب، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل سوريا، وعما إذا كانت الأمور ذاهبة إلى مواجهات وتقسيم، أو أن للشرع خطة أخرى لإعادة الأقليات إلى "حضن الوطن".